التصنيفات

الخبر

مهنة صيد الأسماك في العقبة تواجه مصير الزوال

posted on

العقبة أحمد الرواشدة - تواجه مهنة صيد الأسماك في العقبة مصير الزوال، فيما يعاني ممتهنوها مصاعب جمة، نتيجة التشريعات البيئية الجديدة التي أعقبت إعلان العقبة منطقة اقتصادية خاصة، إضافة الى محدودية المساحة المسموح بها للصيد، والزحف العمراني للمنشآت السياحية والصناعية وكثرة المحميات البحرية. ويعتبر صيادو العقبة مهنة الصيد مهنة تجلب المصائب وتثقل كاهل الصياد، مؤكدين أن معظمهم يعانون من البطالة. المهنة التي توارثها أبناء العقبة عن أجدادهم باتت غير مجدية، وتواجه مضايقات من قبل الجهات المعنية، ما دفع بممتهنيها الى تركها لاسيما أنها بذاتها من أصعب المهن، التي تحتاج الى قضاء وقت كبير في عرض البحر ومواجهة ما يحمله ذلك من مخاطر. 

ووفق صيادين، فإنهم كثيرا ما يتعرضون لمخاطر أهمها العواصف شتاء ومخاطر مواجهة الأسماك المفترسة مثل سمكة القرش البتان. يقول الصياد طلال عصري، إن مهنة الصيد مصدر رزقه الوحيد ورثها عن جده وأبيه، مشيراً الى أن المهنة الآن أصبحت عبئاً على الصيادين لوجود عوائق من أهمها عدم الحصول على طعم للسمك، وقلة المساحة المسموح لها بالصيد نتيجة زيادة مساحة المنشآت الفندقية والصناعية والمينائية والعسكرية، وعدم السماح بالخروج خارج المياه الإقليمية الى جانب تراجع كمية الأسماك في الخليج.

وبين عصري أن أكثر من 90 % من الأسماك في سوق العقبة مستوردة من دول الجوار، مؤكدا أن سمك البحر الأحمر من أجود أنواع الأسماك على الساحل الأحمر. ويشير خبير الصيد عمر أبو زكي وعضو جمعية الصيادين الى أن الصيد قبل سنوات كان مهنة محترمة للمساحة الكبيرة التي كانت تعطى للصيادين والانفتاح الذي توليه الجهات المسؤولة لهم، بينما الآن فإن المهنة شبه منقرضة لعزوف الكثير من الصيادين عن الصيد لتردي أوضاعه بشكل عام. 

 ويقول أبو زكي، كان للصيادين مساحة تقدر بـ(17) كم مترا وضاقت المساحة عندما وضعت الجهات المعنية يدها على البحر لعشرة كيلو مترات إضافة الى متنزه العقبة البحري بمساحة (3) كلم وبقي لصيادي البحر فقط (4) كلم. وأضاف لقد باتت مهنة الصيد في ظل الوضع الحالي المتردي مهنة تجلب المصائب وتثقل كاهل الصياد ما يعني انقراضا حقيقيا للمهنة.

ويشير الصياد ناصر الخضري الى أن المساحة المسموحة بالصيد لا تتعدى 4 كيلو مترات، فيما كانت سابقا 25، لافتا الى أنه مطلوب منهم الابتعاد عن الشاطئ زهاء نصف كيلو متر، وهو ما يعني بحسب الخضري عدم المقدرة على صيد الطعم الذي هو عبارة عن أسماك صغيرة مثل "السردين والوزك" وتستخدم كطعم للأسماك الكبيرة.  ويضيف "إننا لا نستطيع أن نذهب للصيد بدون "الطعم"، ما يدفع كثيرا من الصيادين الى عدم الذهاب الى الصيد وإبقاء قواربهم على الشاطئ.

ويشير الى أن غالبية الصيادين يخالفون القوانين لاضطرارهم الحصول على الطعم من الشاطئ ما يدفع الجهات المعنية الى احتجاز القارب لمدة ثلاثة أشهر تقريبا.

وكانت عدد من الصيادين قد غادروا العقبة الى المياه الإقليمية في اليمن، للعمل بمهنة الصيد، بيد أن الأوضاع السيئة التي واجهتهم أجبرتهم على العودة، بحسب عدد منهم.

ويرى مصدر مطلع في صندوق الملك عبدالله الثاني للتنمية، أن الصيادين فوتوا على أنفسهم فرصة الاستفادة من العمل بشركة البحر الأحمر للأسماك، حيث تم توفير فرص عمل لهم وبراتب تجاوز 300 دولار شهريا، إضافة الى تأمينهم بالسكن والطعام وتأمين صحي وضمان اجتماعي وتذاكر سفر للاصطياد في المياه اليمنية. ويوضح المصدر الذي فضل عدم ذكر اسمه أنه تم إرسال 60 صيادا منذ بداية المشروع في العام 2003، مستدركا أنه ومع الأسف لم يستطع أي صياد أن يستفيد من تلك الفرصة علما أن الشركة عرضت عليهم أن يكونوا شركاء في الربح. ويضيف المصدر، أن مشروع إرسال الصيادين للصيد في المياه الإقليمية اليمنية ما يزال قائما من خلال شركة البحر الأحمر للأسماك، غير أن عدم التزام الصيادين أفشل المشروع من الجانب الأردني.

ويشير المصدر الى أن صندوق الملك عبدالله الثاني للتنمية قدم منحة قدرها 20 ألف دينار لمساعدة أسر الصيادين على إقامة مشاريع تنموية تساعدهم على عيش حياة كريمة، إضافة الى قيام الصندوق بتدريب أبناء وبنات الصيادين على دورات في الكمبيوتر واللغة الإنجليزية مجانا.

ويرى الصياد فادي الشويخ أن لائحة الممنوعات التي يصطدم بها الصياد، من عدم الاقتراب من الشاطئ والمياه الإقليمية ومنطقة الفنادق دعت كثيرا من الصيادين الى إبقاء قواربهم على الشواطئ، لأن تحريكها يعني التزامات مالية وهو ما لا يستطيع أن يتكبده أي صياد. وأكد الصياد معتصم المواجدة أن الصياديين تناقص عددهم بشكل كبير في السنوات الأخيرة، لافتاً إلى أن الصيادين القدامى هم أكثر الفئات تضرراً لاعتمادهم على الصيد كمصدر أساسي للرزق، إضافة الى عدم شمولهم بالضمان الاجتماعي أو التأمين الصحي. الصياد عمر السكاب والذي يزاول المهنة منذ حوالي 54 سنة أقدم على بيع أدوات الصيد التي يمتلكها لعدم جدوى هذه المهنة حالياً، وهو ليس الصياد الوحيد الذي تخلى عن أدوات مهنته التي عشقها، إذ إن الكثيرين نهجوا نهجه. ويقول السكاب إن الصياد لا يتنازل عن أدواته فهي رفيق دربه وأعز ما يملك، لكن الواقع الصعب الذي يعيشه حالياً والإجراءات المتشددة التي تحاربه في مصدر رزقه دفعته مكرهاً إلى التخلي عن مهنته وأدواته، الأمر الذي يهدد هذه المهنة بالزوال إذا لم تسارع الجهات المعنية الى وضع الإجراءات الكافية لحمايتها.

 من جهته، قال مدير متنزة العقبة البحري آن ذاك عبدالله أبو عوالي إن ظروف العقبة الواجهة البحرية الوحيدة للأردن ليست كما كانت في السابق، فالعقبة منطقة وبوابة حساسة ولاعتبارات اقتصادية وسياحية وأمنية تم تقليص المساحة المسموح بها بالصيد في مياه العقبة.  وأشار الى أن على الصيادين أن يتفهموا هذا الأمر واحتياجات وتحديات الأردن.

 ويبلغ عدد الصيادين المسجلين في الجمعية زهاء ثمانين صيادا، فيما يمارس مهنة الصيد خارج إطارها من هواة وممتهنين زهاء 300 صياد، كثير منهم يعتاشون على صيد السمك عبر المياه الإقليمية الأردنية التي تبلغ حوالي اثني عشر ميلا، فيما يمتد شاطئ العقبة بطول 27 كيلو مترا.

وتشير مصادر في سلطة منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة الى أن هناك نقاطاً تأخذها السلطة بعين الاعتبار، ومنها سلامة الصيادين، وخصوصا عند اقترابهم من السفن الكبيرة، بالإضافة الى وجود محميات مرجانية نادرة، تحديدا في منطقة المتنزه البحري التي يحظر الصيد فيها، بالإضافة للاعتبارات الأمنية لاسيما أن العقبة لها حدود بحرية مع عدد من الدول ما يحد من حركة الصيد في شاطئ العقبة الذي لا يتجاوز طوله 27 كم.

 

| الرجوع

أخبار ذات صلة بالموضوع

Not any article

    أنشأ هذا الموقع بدعم من